الأحد، 21 ديسمبر 2014

مردوخ والسياسة

ابراهيم الهنداوي

روبرت مردوخ ,القطب الأعلامي المهيمن

استطاع مردوخ بناء امبراطورية عملاقة تجاوزت ميزانيتها وأرباحها  ميزانيات كثير  من الدول ,مما أعطاه في المقابل تأثيراً ونفوذاً في السياسات الدولية

يسيطر مردوخ على 40%  من الصحافة البريطانية ,رغم أن قانون الأحتكارات البريطاني يمنع هيمنة شخص واحد على هذا العدد كله من الصحف
واجه امبراطور الأعلام الكثير  من التحديات خلال فترة صعوده وتوسعه, ومع ذلك بدا وكأنه لا يعرف الخسارة
لتبدأ خسارته الحقيقية  مع فضيحة "نيوز اوف ذي وورلد"
ذلك عبر قيام صحيفته " نيوز اوف ذي وورلد"  بالتنصت على مكالمات هاتفية لسياسيين بريطانيين مما أدى الى اغلاق الصحيفة  (التي بدأت بالصدور قبل 168 عاماً) وأحالة مردوخ الى التحقيق  مما أثار نقاشاً واسعاً حول دور الاعلام  وتداخله مع الدوائر السياسية والأمنية بالمملكة المتحدة
مما اضطر مردوخ ايضاً الى التراجع عن شراء  قناة " بي سكاي بي " عبر اعتذار علني اثناء مثوله مع ابنه جيمس أمام اللجنة البرلمانية البريطانية المكلفة بالحقيق معه  والتي أُعطيت صلاحيات واسعة وسلطات مفتوحة  قد تفتح على مردوخ  أبواب مغلقة وتكشف فضائح اخرى, خاصة بعد ترك كبار الموظفين العمل بعد فضيحة "نيوز اوف ذي وورلد" التي يشتبه أنها قامت ب4000 عملية تنصت خلال العقد الأول من القرن الحالي

وفي ظل أفكار انطونيو جرامشي في الهيمنة الدولية وعلاقتها بتأطير الوقع الاعلامي الدولي أرى أن:
روبرت مردوخ لاعبٌ مهمٌ وفعال ومهيمن في السياسة الدولية ,  حيث بسط نفوذه الأيديولوجي في اطار مصالحه  الأقتصادية والسياسية المتبادلة ,فقد استفاد من القياديين والسياسيين طوال فترة عمله,رغم انهم في تغيير مستمر ,ذلك لأن السياسيين يسعون لتقوية علاقاتهم بمالكي وسائل الأعلام, وكذا يفعل المالكون في اطار علاقات من المصالح المشتركة والمتبادلة بين الأعلام الرأسمالي والسياسة الدولية المهيمنة
فمثلا:
قدم مردوخ دعماً لتوني بلير  وتغطية ايجابية وكبيرة في شبكاته ,ضامناً بذلك -حسب صحيفة نيويورك تايمز _ موافقة حكومة بلير على احتفاظه بملكية المجموعة الاعلامية البريطانية الضخمة
ان تركيز الفكر الاعلامي في أيدي فئات معينة أدى بالتبعية الى احتكار الفكر الأعلامي والتركيز على قضايا وتهميش أخرى
ففي الولايات المتحدة انحاز مردوخ انحيازاً صارخاً للأدارة الأميركية السابقة _ادارة جورج بوش الابن_فقبل أسابيع من ظهور نتائج الأنتخابات الرئاسية للفترة الرئاسية الثانية التي انتهت بإعلان فوز  بوش الابن ,ثبتت " فوكس نيوز "على شاشتها عداً تنازلياً للأيام المتبقية ليس على إعلان نتيجة الانتخابات وإنما على إعادة انتخاب جورج دبليو بوش الابن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية
مما يؤكد أن الاحتكار المالي في الدول الرأسمالية ادى الى تركز وسائل الاعلام في أيدي فئة قليلة من المالكين  ومن ثم تركز الحوار الاعلامي في حيز معين يتناسب مع توجهات وسياسات المالكين ومصالحهم الشخصية على حساب الشعوب

المراجع :
-الشرق الأوسط ,جريدة العرب الدولية ,العدد 11914
-السياسة الدولية الصادر عن الأهرام "مردوخ نموذجاً
-الأعلام الدولي بين يوتيوبيا الحياد والواقع الاعلامي المراوغ _د.لمياء سامح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق